لقد ساهم انتشار الانترنت في جعل العالم أشبه بقرية صغيرة تستطيع التنقل فيها والاستفادة من الكم الهائل من المعلومات الموجودة عليه. فأصبح الانترنت الموسوعة الكبيرة التي تجمع العديد من العلوم والأبحاث في مختلف المجالات ومصدراً لأخذ الدروس والدورات اللازمة لتنمية مهاراتنا بما يتلاءم مع سوق العمل وتطوراته. وأصبح الجميع يتحدث عن الاتصال، والأجهزة الذكية، واستخراج البيانات في الوقت الفعلي. وظهر مع الوقت مصطلح انترنت الأشياء (IoT) كمفهوم يتصدر جميع الأخبار منذ حوالي 20 عاماً. فماذا نعني بـ "انترنت الأشياء" وهل يقف تطور الانترنت عند هذا الحد وهل يمكن الاستفادة من هذه الكمية من المعلومات والربط بطرق أخرى لتسهيل حياة البشر؟
ماذا يعني انترنت الأشياء؟
انترنت الأشياء (IoT)، هو تعبير أُطلِق مؤخراً لتوضيح مستقبل الانترنت وربطه بالتطور التكنولوجي للأجهزة. ويعني بشكل واضح ربط الأجهزة الالكترونية والذكية على الانترنت واتاحة إمكانية وصول المستخدم لها والتحكم بها من خلال الانترنت بأقل وقت وجهد.
وهذا يعني باختصار ثورة في مجال تطوير الأجهزة التقليدية المستخدمة حالياً لجعلها أجهزة ذكية يستطيع المستخدم التحكم بها عن بعد.
ولكن، كيف يتم استخدام الانترنت لربط الأجهزة وتحقيق الاستفادة المثلى للمستخدمين وتسهيل حياتهم؟
هناك الكثير من تطبيقات تكنولوجيا انترنت الأشياء حولنا حالياً. فنرى المدن الذكية و البيت الذكي و حتى في مجال الرعاية الصحية أصبح هناك الكثير من الاختراعات الصحية التكنولوجية التي تساعد الإنسان على الانتباه والحفاظ على صحته. أحد هذه الاختراعات هي الساعة الذكية التي تقيس الوظائف الحيوية وسرعة النبض والضغط في جسمك وتبعث هذه النتائج بصورة دورية لطبيبك المعتمد الذي يقوم ببرنامج لديه بتحليل هذه النتائج وإرسالها لك برسالة على بريدك الإلكتروني! وفي حال حصول أي طارئ تقوم الساعة الذكية بالاتصال بأقرب مستشفى للحالات الطارئة والابلاغ عن مكانك لمساعدة فرق الإسعاف الطبية بالوصول لك بأسرع وقت!
كل هذه التطبيقات هي أمثلة بسيطة تعكس ما ستبدو عليه حياتنا في المستقبل وسط ثورة انترنت الأشياء الني نشهدها. فكيف سيستفيد المستهلكين والمسوقين والشركات من هذه التقنية في المستقبل؟
انترنت الأشياء: كيف ستبدو حياتنا في المستقبل؟
على الرغم من أن معظمنا لا يملك منزلاً ذكياً إلا إن تطبيقات انترنت الأشياء أصبحت شائعة جداً. فوفقاً لدراسة قام بها مؤتمر IEEE الدولي للإلكترونيات الاستهلاكية، فإنه من المتوقع أن يصل عدد الأجهزة الموصولة بالإنترنت إلى 50 بليون جهاز مع نهاية عام 2020. كما ويقدر الخبراء ارتفاع العدد ل 200 بليون جهاز عند حلول عام 2025. وهذا يعني أن عدد مستخدمي الإنترنت والأجهزة المرتبطة بالإنترنت بازدياد مستمر وأن علاقتنا بالأشياء سوف تتغير وطرق التواصل بين البشر والأجهزة سوف تصبح أكثر ذكاءً.
إن النظرة التقليدية للإنترنت هي البيئة المهيئة لربط البشر بين بعض بسرعة وبغض النظر عن المسافة. مع انترنت الأشياء، سوف تتغير هذه النظرة في المستقبل ليصبح الإنترنت المكان والمنصة المهيئة لشبك الأشياء بين بعضها. وأقصد بالأشياء هنا الأجهزة الذكية التي يستخدمها البشر ويتعامل معها يومياً وباستطاعتها التواصل فيما بينها تحت عملية تُسمى اتصال آلة بآلة M2M) Machine to Machine).
لقد أدركت بعض الشركات مفهوم انترنت الأشياء وأصبحت تطور أجهزتها وخدماتها لتوافق ما سيصبح عليه مستقبل التكنولوجيا. فعلى سبيل المثال، نرى شركة Audi لصناعة السيارات قد طرحت تجربة لسيارة سارت لوحدها مسافة 550 ميل دون تدخل العنصر البشري بالقيادة. هذه التجربة بحد ذاتها مبنية على أساس مبدأ الذكاء الاصطناعي والذي يهيئ السيارة للتحكم بالقيادة بذكاء وبناءً على حسابات دقيقة.
هناك الكثير من التطبيقات في مختلف مجالات الحياة سواء في المجال الطبي او أدوات المنزل (المنازل الذكية) أو حتى على مستوى الكاميرات التي ستكون باستطاعتها معرفة الوقت المناسب لأخذ الصورة المناسبة في مختلف المناسبات والأوقات.
ستصبح الأجهزة الذكية تجمع المعلومات وتحللها وتعطي أوامر و تخرج نتائج بطريقة أفضل وأسرع لتسهل حياة البشر. وسيكون الاستثمار في مجال انترنت الأشياء للشركات شيء ضروري لابد منه لما فيه من إيجابيات وميزات ستساعدها على النمو والتطور والإبداع.
ما هي إيجابيات استخدام انترنت الأشياء للشركات؟
إن أهم الإيجابيات التي ستحصل عليها كشركة من استخدام انترنت الأشياء ما يلي:
- تقديم خدمات أفضل للزبائن: ستتمكن الشركات والمنتجين من تجميع معلومات كبيرة عن عادات المستهلكين وسلوكهم والمشاكل التي يواجهونها في أي منتج أو خدمة من خدماتهم. ثم تحليل هذه المعلومات وانتاج خدمات تلبي طموح ورغبات الزبائن أو تفصيل عروض خاصة بناءً على حاجات الزبائن وبالتالي تقديم خدمات أفضل للزبائن وكسب رضاهم.
- تحسين أداء الشركات وسير العمل: مع انترنت الأشياء سيصبح إدارة العمليات في الشركة أسهل وأكثر تنظيماً. كما وسيصبح إنتاج الخدمات الجديدة والاستجابة لمتطلبات السوق أسرع من قبل وذلك لسهولة الحصول على المعلومات وتحليلها.
- تحسين نسبة تقبل الزبون للمنتجات المطروحة: ستتمكن الشركات من التعاون فيما بينها لإنتاج الخدمات المتكاملة مع الحفاظ على حقوق وأرباح كل شركة لتحسين خبرة الزبون في استخدام المنتجات.
- زيادة فعالية الحملات التسويقية وتحقيق نتائج مبيعات مرتفعة: ستزيد فرصة فهم العميل وإمكانية الوصول اليه خاصةً مع وجود أفكار وآليات حديثة للتسويق وابتكار الكثير من الخدمات الجذابة والممتعة.
وكما نعلم، فكل شيء على هذا الكوكب عبارة عن سلاح ذو حدين. فكما له الايجابيات، له السلبيات والكثير من المخاوف والتحديات أيضاً. فما هي المخاوف والتحديات التي قد تظهر من استخدام انترنت الأشياء؟
ما هي مخاوف وتحديات انترنت الأشياء؟
هناك الكثير من المخاوف في كيفية وتعقيد الربط بين الأشياء من جهة وتعايش الانسان بينها مع هذا الزخم من تناقل المعلومات والتدخل بالحياة الشخصية للإنسان من جهة أخرى. بعض هذه المخاوف أو التحديات:
- احتكار ارتباط بعض الأجهزة بأجهزة أخرى محددة دون غيرها، مما يحتم على المستهلك الارتباط بشركة واحدة دون غيرها، الأمر الذي سيجعل تكلفة التغيير لشركة أخرى عالية جداً.
- سرية المعلومات والحماية من الاختراق، سيتيح هذا التطور إمكانية الحصول على المعلومات الخاصة بحياة البشر. فمع ارتباط الأجهزة الذكية بخصوصيات البشر من خلال الانترنت، سيجعل من الحياة بيئة خصبة للمخترقين للحصول على معلومات هامة تخص الأشخاص أو الشركات وتعرضهم للخطر.
- التخلص من الأيدي العاملة البشرية، بوجود هذا النوع من الأجهزة الذكية سيتحتم على الشركات الاستغناء عن الطرق التقليدية للعمل اليدوي، مما سيؤدي إلى الاستغناء عن عدد كبير من الأيدي العاملة واستبدالهم بإنترنت الأشياء.
- زيادة التباعد الاجتماعي، كلما زاد الاعتماد على الأجهزة قل الاعتماد والتعامل مع البشر. سوف يصبح لكل شخص محيطه الخاص بمعزل عن التواصل الحسي مع الآخرين. وسيقتصر التواصل على العالم الإلكتروني كما نحن الآن على مواقع التواصل الاجتماعي.
كثير من الخبراء يحذرون من الاعتماد الكلي على التكنولوجيا لما سيكون لها من آثار سلبية على حياة البشر. نحن لا نستطيع التكهن تماماً بما ستصبح عليه حياتنا مستقبلاً، فكل ما ذكر هو عبارة عن نظريات وفرضيات تحتمل التطبيق وقد تحتاج لفترات زمنية طويلة ولكن لابد من حدوث تطور تكنولوجي نوعي في العقد القادم. وسوف يكون له أثراً كبيراً في حياة البشر في شتى المجالات. فهل تحب أن تتخذ الأجهزة الذكية عنك القرارات الشرائية في المستقبل؟